الشهيد
ميرون الكاهن
وُلد هذا القديس في القرن الثالث الميلادي لأب غني اسمه باترس ، و كان له
من المال الكثير و الممتلكات ما لا يحصى لها عدد ، و كان ميرون عندما يرى
أن مال والده يتكاثر يفكر بالأكثر في فناء هذه الأموال و زوال كيان هذا
العالم أجمعه .
و لذلك أخذ على عاتقه أن يتفقد المحتاجين و الفقراء و يجلس معهم و يعزيهم
و يساعدهم بقدر ما يحصل عليه من مصروفه الذي يعطيه له والده . فأحبه
الجميع و تكاثر أصدقاؤه و كان يجتمع بهم ليس للسؤال عن احتياجاتهم المادية
فحسب بل و للبحث في محبة السيد المسيح للعالم و تعاليمه و وصاياه المحيية .
سيم كاهنًا في مدينة كيزيكس من ضواحي أخائية في آسيا الصغرى، فرعى رعية
المسيح بإخلاص و تفاني و محبة قلبية ، فلم يجعل أحدًامحتاجًا إلى مال أو
إلى أساليب الحياة المادية و اهتم بالأكثر بنفوس شعبه و حياتهم الروحية .
فانتشرت أعماله كرائحة ذكية كمثل اسمه الذي تفسيره " ذو الرائحة العطرة " .
فقد حوَّل ضيعته و كل ممتلكاته من قصور إلى ميناء خلاص لكل المؤمنين ،
فصارت كل ممتلكاته كنائس و مستشفيات و ديار للأيتام ، و كرَّس لتلك
الخدمات الكثيرين من أبنائه الروحيين ،
أما هو فقد كرَّس ذاته بالكامل لتلبية مطالب شعبه الروحية و نشر الإيمان بالمسيح يسوع له المجد .
و كان نشاطه الكبير هذا سببًا في شهرته في ربوع الإمبراطورية الرومانية .
هاج الشيطان عدو كل بر و أهاج الوالي الذي يدعى أنتيباترس ، الذي كان
تابعًا للإمبراطور ديسيوس ، و جمع جنوده و هجم على الكنيسة في ليلة عيد
الميلاد المجيد .
و أخذوا في ضرب المؤمنين و أحرقوا الكنيسة ، ثم قبضوا على الكاهن القديس
ميرون و على المؤمنين المجتمعين في الكنيسة و كبلوهم بالسلاسل و قادوهم
إلى دار الولاية . أخذ الوالي الشرير يتوعدهم بالتعذيب الشديد و القتل إذا
لم يسجدوا للأصنام و يتركوا عبادة المسيح المصلوب .
لكن الجميع كانوا ثابتين كالصخر أمام هذه التهديدات مع أن مظهرهم كان
متواضعًا و كأناس بسطاء و جهلة، فأمر الوالي بجلد القديس ميرون ليكون عبرة
لهم جميعًا، فشدواالقديس إلى عامود و جلدوه في ميدان عام أمام كل المؤمنين
، ثم ضربوه بالحراب دون أن يوجهوا إليه طعنة مميتة حتى يسببوا له ألمًا
كبيرًا .
أمر الوالي بأن يطرحوا القديس و المؤمنين جميعًا في حفرة كبيرة و أوقدوا
فيها النيران فاحترقوا فيها ، مفضلين الموت على ترك عبادتهم للسيد المسيح
، و هكذا نالوا إكليل الشهادة .
أما القديس ميرون فلم يمت من النيران فأخرجوه و قطعوا رأسه و نال إكليل الشهادة
و ذلك في 17 أغسطس سنة 284م .